recent
موضوع قد يهمك

حكم الزينة والإكسسوارات للرجال والنساء وفق الشريعة الإسلامية

مقدمة

الإكسسوارات تعد من أكثر مظاهر الزينة شيوعًا في العصر الحديث، إذ أصبحت جزءًا أساسيًا من مظهر الإنسان سواء للرجال أو النساء. تشمل الإكسسوارات الحلي مثل السلاسل والخواتم والأساور والساعات والنظارات والعطور وغيرها من الأدوات التي تضيف لمسة جمالية على المظهر الخارجي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل الإكسسوارات حلال أم حرام؟ وهل يختلف الحكم بين الرجال والنساء؟ وهل تدخل بعض أنواعها في باب التشبه المحرم؟ هذا المقال يحاول تقديم نظرة تحليلية شرعية وثقافية شاملة حول تحليل وتحريم الإكسسوارات.

الإكسسوارات


أولًا: مفهوم الإكسسوارات في اللغة والاصطلاح 

الإكسسوارات كلمة أصلها فرنسي (Accessoires) وتعني "الملحقات" أو "المكملات"، وهي الأشياء التي تُضاف إلى اللباس لتزيينه وتحسين مظهره.
وفي الاصطلاح الشرعي يمكن إدراجها تحت باب "الزينة"، التي شُرعت في الإسلام بقدر معتدل؛ قال تعالى:

﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ﴾
(الأعراف: 32)

فالزينة في أصلها مباحة، بل محبوبة إذا لم تتجاوز حدود الشرع أو تؤدي إلى محرم كالتشبه أو التبرج أو الإسراف.


ثانيًا: الأصل في الإكسسوارات الإباحة

القاعدة الفقهية تقول:

"الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم"

بناءً على ذلك، فإن استخدام الإكسسوارات في الأصل مباح للرجال والنساء، بشرط أن تخلو من المحاذير الشرعية التالية:

  1. أن لا تحتوي على ذهب أو حرير بالنسبة للرجال.

  2. أن لا يكون فيها تشبه بالجنس الآخر.

  3. أن لا تكون شعارًا لأديان أو طوائف مخالفة للإسلام.

  4. أن لا تؤدي إلى الغرور أو الإسراف.

فإذا خلت الإكسسوارات من هذه الموانع، فهي زينة مشروعة مباحة.


ثالثًا: حكم الإكسسوارات بالنسبة للنساء

الزينة للمرأة أمر مباح ومطلوب شرعًا، قال تعالى:

﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ ﴾ (الزخرف: 18)

وقد أجمع العلماء على جواز لبس الحلي للنساء مثل الذهب والفضة والأحجار الكريمة وغيرها، بشرط:

  • أن لا تظهرها أمام الأجانب، لقوله تعالى:

    ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ (النور: 31)

  • وأن لا تكون وسيلة للتبرج أو لفت الأنظار في الأماكن العامة.

  • وأن لا يكون فيها إسراف مفرط أو مضاهاة للرجال.

فإذا كانت الإكسسوارات في حدود الاعتدال والستر، فهي زينة مباحة ومستحبة لأنها تدخل في باب التجمّل المشروع.


رابعًا: حكم الإكسسوارات بالنسبة للرجال

أما بالنسبة للرجال، فالأصل أن يتزينوا من غير إسراف ولا تشبه بالنساء. وقد ورد في الحديث:

قال ﷺ: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال"
(رواه البخاري)

لذلك يُفرّق العلماء بين نوعين من الإكسسوارات:


1. الإكسسوارات المباحة للرجال:

  • الخاتم من الفضة (وقد كان النبي ﷺ يلبسه).

  • الساعة والسوار الجلدي أو المعدني غير المذهب.

  • المسبحة (إذا استُعملت للذكر لا للزينة).

  • العطور والسلاسل الطبية إذا لم يكن فيها تشبه أو حرمة.


2. الإكسسوارات المحرمة للرجال:

  • الذهب بجميع أشكاله (خواتم، سلاسل، ساعات مطلية).

    قال ﷺ: "حُرِّم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأُحلّ لإناثهم" (رواه النسائي)

  • الإكسسوارات الأنثوية الشكل (مثل الأقراط والسلاسل الرقيقة).

  • الرموز الدينية الأجنبية (كالصليب أو الرموز الوثنية).


خامسًا: الإكسسوارات والتشبه الثقافي

من أبرز أسباب التحريم في بعض الحالات مسألة التشبه، سواء كان التشبه بالنساء، أو بالكفار، أو بالمشاهير الذين يروّجون قيمًا غير إسلامية.
قال ﷺ:

"من تشبه بقوم فهو منهم" (رواه أبو داود)

فإذا كانت الإكسسوارات تحاكي تقاليد غير المسلمين أو تعكس رموزًا لعقائد باطلة، وجب اجتنابها حتى لو كانت شكلها جميلاً.
أما إن كانت مجرد زينة عادية لا تدل على هوية أو اعتقاد، فلا بأس بها شرعًا.


سادسًا: الجانب الاجتماعي والنفسي للإكسسوارات

تؤدي الإكسسوارات دورًا نفسيًا واجتماعيًا مهمًا؛ فهي وسيلة للتعبير عن الذات والذوق الشخصي والانتماء الثقافي.

  • فالمرأة تزداد ثقة وجمالًا حين تتزين بما يليق بها.

  • والرجل قد يرى في الساعة أو الخاتم رمزًا للهيبة والأناقة.
    لكن الإسلام يدعو دائمًا إلى التوازن بين الجمال والحياء، فيكون التجمّل وسيلة للتقدير الذاتي، لا للفت الأنظار أو الغرور.


سابعًا: الإكسسوارات في ضوء مقاصد الشريعة

الشريعة الإسلامية تهدف إلى حفظ الضروريات الخمس (الدين، النفس، العقل، المال، النسل).
والزينة بما فيها الإكسسوارات تُباح ما دامت تحقق التوازن بين المظهر والمقصد، ولا تخلّ بتلك الضروريات.

  • فهي تُحرم إذا أفسدت الحياء أو جرّت إلى الفتنة.

  • وتُستحب إذا كانت تعبيرًا عن النظافة والأناقة والتقدير الذاتي.


ثامنًا: ضوابط عامة لاستخدام الإكسسوارات

  1. النية: أن تكون الزينة بقصد التجمّل المشروع لا الرياء.

  2. الاعتدال: تجنّب الإسراف أو المبالغة في الزينة.

  3. التمييز: عدم التشبه بالجنس الآخر.

  4. الستر: للنساء أن يخفين زينتهن عن الأجانب.

  5. الاختيار الحلال: الابتعاد عن الرموز المحرمة أو المواد النجسة.


خاتمة

الإكسسوارات ليست محرمة في ذاتها، وإنما يتحكم في حكمها النية والهيئة والظروف.
فقد تكون مباحة بل ومستحبة للنساء إذا استخدمت باعتدال وستر، ومباحة للرجال في حدود ما أذن به الشرع، ومحرمة إن أدت إلى تشبه أو إسراف أو مخالفة دينية.

إن الإسلام دين الجمال والاعتدال، لا يمنع الزينة بل يهذبها، ولا يحرم الجمال بل يوجهه نحو ما يليق بالكرامة الإنسانية.
قال ﷺ:

"إن الله جميل يحب الجمال" (رواه مسلم).

google-playkhamsatmostaqltradent